شهدت منطقة الأهرامات بمحافظة الجيزة، واحدة من أبشع جرائم التنقيب عن الآثار، حيث تحوّل حلم الثراء السريع إلى مأساة إنسانية مروعة، راح ضحيتها شاب في مقتبل العمر، بعدما انهارت عليه الرمال خلال التنقيب داخل حفرة عميقة، ليقوم عمه بطمس الجريمة بطريقة صادمة، دفن خلالها نجل شقيقه وغطى الحفرة بالخرسانة والسيراميك.
مصرع شاب خلال التنقيب على الآثار في منطقة الأهرامات
وكشف سعيد عبد العال، محامي المتهمين تفاصيل الجريمة المروعة، موضحا أنها تعود إلى استعانة صاحب منزل في منطقة قريبة من الأهرامات بأحد الأشخاص يُقال إنه شيخ سوداني، والذي أوهمه بوجود كنز أثري مدفون أسفل المنزل، موضحا أن صاحب المنزل، لم يتردد وقرر الاستعانة بشقيقين ونجليهما لمساعدته في الحفر، على أمل العثور على آثار تغير حياتهم.
وأضاف محامي المتهمين، أن أعمال الحفر استمرت لأسابيع، ووصل عمق الحفرة إلى نحو 4 أمتار، مع وجود فرع أفقي داخلها بطول مترين تقريبًا، لافتا إلى أنه وفي أحد الأيام، توجه أحد المتهمين إلى الحفرة بصحبة نجل شقيقه فقط، في غياب الأب وصاحب المنزل، وخلال الحفر، انهارت التربة على الشاب، ما أدى إلى وفاته في الحال داخل الحفرة.
وواصل المحامي: بدلاً من محاولة إنقاذ الشاب أو حتى إخطار السلطات، قرر عمه في لحظة تجرد من المشاعر الإنسانية دفن نجل شقيقه داخل الحفرة، وردمها تمامًا، بل وقام بتركيب سيراميك فوقها لإخفاء أي أثر للجريمة، مشيرا إلى أن العم المتهم أبلغ والد الضحية بأن المياه الجوفية تسببت في فشل الحفر وتم ردم الموقع، وعندما سأله عن نجله، ادعى أنه أعطاه 50 جنيهًا لشراء شيء ما، ولم يره بعدها.
واستكمل محامي المتهمين، قائلا: استمر والد الشاب في البحث عن ابنه لمدة 30 يومًا، بمشاركة “العم الجاني” الذي تظاهر بالحزن والمشاركة في البحث، دون أن يبوح بالحقيقة المروعة، مضيفا أنه وأمام اختفاء الغامض للشاب، لجأ الأب إلى قسم شرطة الهرم للإبلاغ عن الواقعة.
وأكد أن الشكوك بدأت تحوم حول القصة، وخاصة بعد تضارب أقوال العائلة، وبتكثيف التحقيقات، اعترف العم بالجريمة كاملة، وأرشد عن مكان دفن الجثمان داخل المنزل، وتم إخطار النيابة العامة، التي أمرت باستخراج الجثة، لكن جهود رجال الحماية المدنية واجهت صعوبة بالغة بسبب ضيق مساحة المنزل. وبعد الوصول إلى الجثمان داخل حفرة جانبية، تم أخذ عينة لتحليل الحمض النووي، وتطابق بالفعل مع والده.
وأوضح محامي المتهمين أن العم الجاني توفي بعد تعرضه لأزمة قلبية عقب اعترافه بالواقعة، ليفقد الأب بذلك نجله وشقيقه في آنٍ واحد، وسط صدمة كبيرة، كما انتهت القضية بعرضها أمام محكمة جنايات الجيزة، والتي نظرت بعين الرحمة إلى المأساة الإنسانية، خاصة بعد وفاة المتهم الرئيسي وفقدان العائلة لأكثر من شخص، وأصدرت حكمًا بالسجن لمدة عام مع إيقاف التنفيذ، وغرامة مالية قدرها 500 ألف جنيه على بقية المتهمين.
